دُنْيَايَ زِيدِي عَلَى الأحزَانِ أحْزَانَا
وَاسْتَقْبِلِي الكَونَ بِالآهَاتِ ألْوَانَا
يَا لَحْظَةَ البَيْنِ مَا أَبْقَيْتِ لِيْ جَلَدًا
لَو كُنتُ مَوْجًا فَقَدْ لاقَيتُ طُوفَانَا!
مَاتَ الشَّقِيقُ فَشُقَّ القَلبُ مِن كَمَدٍ
وَالقَلْبُ يَقْسُو عَلَى الأحْجَارِ أحْيَانَا
يَا لَيْلَةً عَادَتِ الذِّكْرَى مُؤَجِّجَةً
فِي القَلْبِ حُمًّى وَفِي الأَضْلاعِ نِيْرَانَا
ذَكَرْتُ مَا كَانَ مِن إِلْفٍ يُظَلِّلُنَا
كَأنّهُ الدَّوْحُ صَارَ اليومَ عَطْشَانَا
كَمْ قَدْ بَثَثْنَا تَبَارِيْحًا وَعَاطِفَةً
فِيْ مَسْمَعِ اللَّيْلِ حَتَّى طَابَ قَلْبَانَا
أُفْضِي وَيُفْضِي وَمَا فِي الليلِ مُتَّسَعٌ
فَنُودِعُ الفَجْرَ وَحْيًا طِيْبَ نَجْوَانَا
كُنَّا وَكُنَّا فَمَا زِلْنَا وَمَا بِنَّا
حَتَّى مَضَيْتَ أخِي حَيًّا وَرَيَّانَا
نَزِيفُ جُرحِكَ نَزْفٌ فِي حَشَاشَتِنَا
وَجُرْحُ فَقْدِكَ يُنْسِينَا شَكَاوَانَا!
كَمْ صَاحِبٍ يَا أخِي قَاسَى مُصِيبَتَنَا
وَلَم يَزَلْ مِن جَلِيلِ الهَمِّ سَهْرَانَا
تَبكِيكَ أرْمَلَةٌ فِي لَوعَةٍ نَشَجَتْ
تَقُولُ: مَا مِتَّ بَلْ حَانَتْ مَنَايَانَا
يَبكِيكَ طِفْلٌ رَأى فِيكَ الأُبُوَّةَ فِي
أسْمَى مَظَاهِرِهَا جُودًا وإحْسَانَا
قَد عاشَ تَكْفُلُهُ دَهْرًا وَتُكْرِمُهُ
شَكَا بِفَقْدِكُمُ يُتْمًا وَحِرْمَانَا
تَبْكِيكَ أُمُّكَ تَبكِي الفَقْدَ كُنْتَ لَهَا
أخًا وَإبْنًا وَبِرًّا زَادَ رُجْحَانَا
تَبْكي عَلَى طَلَلٍ، هَلْ فِي البُكَا فَرَجٌ؟
أوَّاهُ لو لُبِّـثُوا أو أُمهِلُوا آنَا!
تَبْكِيكَ زَوجُكَ قَدْ ضَاقَتْ مَدَامِعُهَا
حَتّى بَرَاهَا الأسَى هَمًّا وأضْنَانَا
تُخْفِي أسَاهَا لِتُرْضِيْ قَلْبَ طِفْلَتِهَا
وَيَأكُلُ الجَمْرُ أحشَاءً وَشِرْيَانَا
يَبكِيكَ إبْنُكَ قَد أودَعْتَهُ دُرَرًا
مِنَ المَعَانِي التي فِي حُسْنِهَا ازْدَانَا
يَبُثُّ خَلْوَتَهُ ذِكْرَى تُمَازِجُهُ
شَوقًا ونَجْوَى وَأسْمَارًا وأشْجَانَا
رائد يبْكِي أبًا مَوْشِيُّ رَفْرَفِهِ
يأوِيْ إلَيْهِ إذَا مَا الجَدْبُ قَد بَانَا
حنين تَبْكِي فَتَبْكِي الوُرْقُ فِي فَنَنٍ
والطَّيرُ وَاجِمَةٌ دَهْرًا وَإبَّانَا
يبْكِيكَ زيد وَهَل يُخْفِي فَجِيعَتَه
قَلْبٌ تَفَطَّرَ حَتَّى آبَ حَيْرَانَا؟
تَبْكِي عَلَى وَلَهٍ أمٌ وَقَد شُغِلَتْ
عَنِ الصِّغَارِ بِدَمْعٍ كَانَ هَتَّانَا
نَادَيْتُ لا تَبْأسُوا رُوحِي لَكُم وَطَنٌ
وَقَدْ بَنَيتُ لَكُم فِي القَلْبِ إيوَانَا
تَاللهِ يَا وَلَدِي قَد زِدْتُمُ عَدَدًا
عَهْدًا أُوَثِّقُهُ مَا كُنتُ خَوَّانَا
يَا حَامِلِيهِ حَمَلْتُمْ فَوقَ أرْؤُسِكُم
لِلْمَجْدِ دَارًا وَلِلْعَلْيَاءِ جُثْمَانَا!
يَا أَطْيَبَ النَّاسِ أخْلاقًا وأَصْدَقَهُم
قَولاً وفِعْلاً وَإخْبَاتًا وَتَحْنَانَا
يَا أَبْطَأ النَّاسِ فِي حِرْصٍ وَفِي لَجَجٍ
وأسْرَعَ النَاسِ إنْ خَطْبٌ تَوَلاّنَا
مَضَيْتَ وَحْدَكَ لَم تَشْغَلْكَ فَانِيَةٌ
وتَبْتَغِي عِوَضًا رَوْحًا وَرَيحَانَا
يَا غَادِيًا وَجِنَانُ الخُلْدِ غَايَتُهُ
يَجْزِيكَ رَبُّكَ غُفرًانًا وَرِضْوَانَا
رَبَّاهُ رَبَّاهُ كَمْ أسْدَيتَ مِن مِنَنٍ
الحَمْدُ لِلهِ إذْعَانًا وعِرفَانَا
كَمْ مِحْنَةٍ مَنَحَتْ لِلخَلْقِ مَكْرُمَةً
وَالفَضْلُ لِلهِ لا يَحْتَاجُ تِبيَانَا
ربَّاهُ إني وَإنْ قَاسَيْتُ مِن ألَمِي
آوِي إلَيْكَ بِقَلبٍ فَاضَ إيمانَا
بَرْدُ اليَقِينِ يُدَاوِي كُلَّ جَارِحَةٍ
تَدْمَى وَيُحْيِي بُعَيْدَ اليُبْسِ أغْصَانَا
مَاتَتْ عَلَى شَفَتِي البَسْمَاتُ أحيَانَا
لَكِنْ إذا نَهَضَ الإيمَانُ أحيَانَا
وَاسْتَقْبِلِي الكَونَ بِالآهَاتِ ألْوَانَا
يَا لَحْظَةَ البَيْنِ مَا أَبْقَيْتِ لِيْ جَلَدًا
لَو كُنتُ مَوْجًا فَقَدْ لاقَيتُ طُوفَانَا!
مَاتَ الشَّقِيقُ فَشُقَّ القَلبُ مِن كَمَدٍ
وَالقَلْبُ يَقْسُو عَلَى الأحْجَارِ أحْيَانَا
يَا لَيْلَةً عَادَتِ الذِّكْرَى مُؤَجِّجَةً
فِي القَلْبِ حُمًّى وَفِي الأَضْلاعِ نِيْرَانَا
ذَكَرْتُ مَا كَانَ مِن إِلْفٍ يُظَلِّلُنَا
كَأنّهُ الدَّوْحُ صَارَ اليومَ عَطْشَانَا
كَمْ قَدْ بَثَثْنَا تَبَارِيْحًا وَعَاطِفَةً
فِيْ مَسْمَعِ اللَّيْلِ حَتَّى طَابَ قَلْبَانَا
أُفْضِي وَيُفْضِي وَمَا فِي الليلِ مُتَّسَعٌ
فَنُودِعُ الفَجْرَ وَحْيًا طِيْبَ نَجْوَانَا
كُنَّا وَكُنَّا فَمَا زِلْنَا وَمَا بِنَّا
حَتَّى مَضَيْتَ أخِي حَيًّا وَرَيَّانَا
نَزِيفُ جُرحِكَ نَزْفٌ فِي حَشَاشَتِنَا
وَجُرْحُ فَقْدِكَ يُنْسِينَا شَكَاوَانَا!
كَمْ صَاحِبٍ يَا أخِي قَاسَى مُصِيبَتَنَا
وَلَم يَزَلْ مِن جَلِيلِ الهَمِّ سَهْرَانَا
تَبكِيكَ أرْمَلَةٌ فِي لَوعَةٍ نَشَجَتْ
تَقُولُ: مَا مِتَّ بَلْ حَانَتْ مَنَايَانَا
يَبكِيكَ طِفْلٌ رَأى فِيكَ الأُبُوَّةَ فِي
أسْمَى مَظَاهِرِهَا جُودًا وإحْسَانَا
قَد عاشَ تَكْفُلُهُ دَهْرًا وَتُكْرِمُهُ
شَكَا بِفَقْدِكُمُ يُتْمًا وَحِرْمَانَا
تَبْكِيكَ أُمُّكَ تَبكِي الفَقْدَ كُنْتَ لَهَا
أخًا وَإبْنًا وَبِرًّا زَادَ رُجْحَانَا
تَبْكي عَلَى طَلَلٍ، هَلْ فِي البُكَا فَرَجٌ؟
أوَّاهُ لو لُبِّـثُوا أو أُمهِلُوا آنَا!
تَبْكِيكَ زَوجُكَ قَدْ ضَاقَتْ مَدَامِعُهَا
حَتّى بَرَاهَا الأسَى هَمًّا وأضْنَانَا
تُخْفِي أسَاهَا لِتُرْضِيْ قَلْبَ طِفْلَتِهَا
وَيَأكُلُ الجَمْرُ أحشَاءً وَشِرْيَانَا
يَبكِيكَ إبْنُكَ قَد أودَعْتَهُ دُرَرًا
مِنَ المَعَانِي التي فِي حُسْنِهَا ازْدَانَا
يَبُثُّ خَلْوَتَهُ ذِكْرَى تُمَازِجُهُ
شَوقًا ونَجْوَى وَأسْمَارًا وأشْجَانَا
رائد يبْكِي أبًا مَوْشِيُّ رَفْرَفِهِ
يأوِيْ إلَيْهِ إذَا مَا الجَدْبُ قَد بَانَا
حنين تَبْكِي فَتَبْكِي الوُرْقُ فِي فَنَنٍ
والطَّيرُ وَاجِمَةٌ دَهْرًا وَإبَّانَا
يبْكِيكَ زيد وَهَل يُخْفِي فَجِيعَتَه
قَلْبٌ تَفَطَّرَ حَتَّى آبَ حَيْرَانَا؟
تَبْكِي عَلَى وَلَهٍ أمٌ وَقَد شُغِلَتْ
عَنِ الصِّغَارِ بِدَمْعٍ كَانَ هَتَّانَا
نَادَيْتُ لا تَبْأسُوا رُوحِي لَكُم وَطَنٌ
وَقَدْ بَنَيتُ لَكُم فِي القَلْبِ إيوَانَا
تَاللهِ يَا وَلَدِي قَد زِدْتُمُ عَدَدًا
عَهْدًا أُوَثِّقُهُ مَا كُنتُ خَوَّانَا
يَا حَامِلِيهِ حَمَلْتُمْ فَوقَ أرْؤُسِكُم
لِلْمَجْدِ دَارًا وَلِلْعَلْيَاءِ جُثْمَانَا!
يَا أَطْيَبَ النَّاسِ أخْلاقًا وأَصْدَقَهُم
قَولاً وفِعْلاً وَإخْبَاتًا وَتَحْنَانَا
يَا أَبْطَأ النَّاسِ فِي حِرْصٍ وَفِي لَجَجٍ
وأسْرَعَ النَاسِ إنْ خَطْبٌ تَوَلاّنَا
مَضَيْتَ وَحْدَكَ لَم تَشْغَلْكَ فَانِيَةٌ
وتَبْتَغِي عِوَضًا رَوْحًا وَرَيحَانَا
يَا غَادِيًا وَجِنَانُ الخُلْدِ غَايَتُهُ
يَجْزِيكَ رَبُّكَ غُفرًانًا وَرِضْوَانَا
رَبَّاهُ رَبَّاهُ كَمْ أسْدَيتَ مِن مِنَنٍ
الحَمْدُ لِلهِ إذْعَانًا وعِرفَانَا
كَمْ مِحْنَةٍ مَنَحَتْ لِلخَلْقِ مَكْرُمَةً
وَالفَضْلُ لِلهِ لا يَحْتَاجُ تِبيَانَا
ربَّاهُ إني وَإنْ قَاسَيْتُ مِن ألَمِي
آوِي إلَيْكَ بِقَلبٍ فَاضَ إيمانَا
بَرْدُ اليَقِينِ يُدَاوِي كُلَّ جَارِحَةٍ
تَدْمَى وَيُحْيِي بُعَيْدَ اليُبْسِ أغْصَانَا
مَاتَتْ عَلَى شَفَتِي البَسْمَاتُ أحيَانَا
لَكِنْ إذا نَهَضَ الإيمَانُ أحيَانَا
منقولة مع بعض التعديل
( مرثية الدكتور / أحمد بن صالح السديس في موت أخيه أبو عاصم )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق